تشخيص الأضرار الناجمة عن عوامل الطقس في صخور مدينة البتراء الأثرية في الأردن

5/5

ملخص الدراسة

قدمت الدراسات التي أجريت على مدى سنوات عديدة – مجموعة دراسات التحقيقات الميدانية و دراسات التحاليل المخبرية – معلومات شاملة عن الأضرار الناجمة عن العوامل الجوية (التجوية) في الآثار المنحوتة في الصخر في مدينة البتراء الأثرية في الأردن. تمثل هذه الآثار المنحوتة في الجبال الصخرية تراثا عالميا متميزا. وقد نحت الأنباط مئات المعالم الأثرية في صخور الجبال منذ حوالي 2000 سنة. أدى الوعي بتزايد الأضرار الناتجة عن عوامل الطقس (التجوية) إلى جهود دولية من أجل الحفاظ على هذه الأثار. تناول تشخيص الأضرار المتبع في هذه الدراسة العلاقات المتبادلة المعقدة بين أنواع الحجر ، وخصائص الحجر ، وأنظمة التعرض لعوامل الطقس للنصب التذكاري ، والتأثيرات البيئية ، وظواهر التعرية الناتجة عن تأثيرات عوامل الجو ، وتطور ومدى الضرر الناتج عن العوامل الجوية وتغييرات العوامل الجوية. تم في هذه الدراسة تصنيف الصخور الأثرية حسب تركيباتها الطبقية المتراكمة و حسب مكونات الصخور الكيميائية. كشفت النتائج من دراسة أشكال عوامل التجوية المختلفة ، و التسلسل الزمني لعوامل التجوية ونتاج عوامل التجوية التي تم الحصول عليها من عمليات المسح الميداني ، والقياسات في الموقع والدراسات المختبرية عن تنوع معقد في عوامل التعرية والحت الناتجة عن عوامل الطقس (التجوية) فيما يختص بنوع وكثافة الأضرار الناتجة. تم إستخدام فئات الضرر ومؤشرات الضرر المعتمدة عالميا لإنشاء تصنيف كمي قابل للتكرار للأضرار الناجمة عن العوامل الجوية. سمحت النتائج التفصيلية لأشكال التجوية (التعرية والحت) المختلفة بتوصيف وقياس التقدم والتسلسل الزمني في عملية التعرية والحت بما في ذلك عملية التشخيص الدقيق للأضرار الناتجة عن عوامل الطقس. تم النظر في خصائص العينات الحجرية وحالة الضرر الحالية الناجمة عن العوامل الجوية بشكل مشترك لتقييم مدى عرضة الصخور للضرر بسبب العوامل الجوية مستقبلا. يمكن أن يؤدي التقييم المنهجي العلمي لحجم الضرر الناتج عن العوامل الجوية و التسلسل الزمني لأنماط العوامل الجوية المؤثرة على صخور المدينة الأثرية من تعزيز وتحسين تقييم أثر عوامل الحت والتعرية و تحديد كيفية تأثير هذه العوامل على اثار مدينة البتراء المنحوتة في صخور الجبال مستقبلا

مقدمة البحث

تقع مدينة البتراء الأثرية في جبال الشراه في جنوب غرب المملكة الأردنية الهاشمية (الأردن)، جبال الشراه هي سلسلة جبلية شرق وادي عربة. في البتراء تم نحت أكثر من 800 نصب تذكاري مثل المقابر والمحميات وأماكن العبادة من قبل العرب الأنباط في الصخور الرسوبية المشكلة لجبال الشراه منذ حوالي 2000 عام. في عام 1985 ، أدرجت اليونسكو مدينة البتراء في قائمة التراث العالمي باعتبارها “تحفة عبقرية خلاقة للإنسان ، تحمل شهادة فريدة لحضارة بائدة وتمثل مثالًا بارزًا لفرقة معمارية توضح مرحلة مهمة في تاريخ البشرية”. في عام 2007 ، تم إنتخاب البتراء لتمثل إحدى “عجائب الدنيا السبع الجديدة”. كون البتراء من أبرز المواقع التاريخية في الأردن، فهي ذات أهمية كبيرة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في الأردن وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (حصل زيادة سريعة في عدد الزوار من 1020 زائر قبل عدة سنوات إلى حوالي 350 ألف زائر في العام 2006). تتكون منطقة البتراء بشكل رئيسي من الصخور الرسوبية من العصر الحجري القديم 

عانت ولا زالت تعاني جميع الآثار الصخرية من الضرر بسبب عوامل الطقس. وقد ساهمت الكوارث الطبيعية مثل الزلازل الأرضية والفيضانات، وكذلك التأثيرات البشرية في تطور الضرر وإستمراره. على العديد من المعالم الأثرية في المدينة أصبحت الأضرار الناجمة عن العوامل الجوية أمر مثير للقلق. في الأعوام 1998 و 2000 و 2002 ، أدرج صندوق الآثار العالمية البتراء في قائمة أكثر 100 مجموعة أثرية في العالم معرضة للخطر. أصبح الحفاظ على قطع البتراء الصخرية مصدر قلق دولي متزايد

أجريت دراسات جيولوجية علمية على مدى سنوات عديدة ، استهدفت جميعها التشخيص الشامل للأضرار والتلف للآثار الصخرية كمساهمة أساسية في جهود الحفاظ على هذه الاثار بشكل مستدام. تم تنفيذ هذه الدراسات بدعم من وزارة الخارجية الألمانية الاتحادية ومؤسسة الأبحاث الألمانية) وبالتعاون مع إدارة الآثار في الأردن ، مجلس البتراء الإقليمي ، مكتب حديقة البتراء الأثرية ، صندوق البتراء الوطني ، المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا ، معهد الملكة رانيا للسياحة والتراث / الجامعة الهاشمية وجامعة اليرموك

تشكل الدراسات التشخيصية مهمة مركزية ضمن النهج العلمي المقبول للحفاظ على النصب التذكارية بشكل مستدام، يتكون هذا النهج من ثلاث خطوات: التتبع التاريخي للأحداث والتشخيص ومعالجة الأضرار. بالنسبة للتشخيص ، تم النظر في جميع المعلومات التي تم توفيرها من خلال الدراسات السابقة. حيث تم جمع البيانات والوثائق المتاحة عن الاثار الصخرية من ما يقارب ال ٢٠٠ بحث سابق وتبويبها وتقييمها فيما يتعلق بتحديد الهوية والتاريخ والهندسة المعمارية والإعداد الجيولوجي والبيئة المحيطة والأضرار الناجمة عن الطقس

تم التوصل إلى مفهوم تشخيصي من أجل التحقيق المنهجي لحالة المعالم والاثار الصخرية، حيث يجمع هذا المفهوم بين التحقيق في الموقع (رسم الخرائط الأثرية ، والقياسات في الموقع ، وأخذ العينات) والتحليل المختبري (الدراسات البتروجرافية والبتروكيماوية والجيوكيميائية). من هذه الدراسات التشخيصية التي تم عملها في هذا البحث، تم إشتقاق معلومات تفصيلية وتمثيلية عن الليثولوجيا  وعن حالة التعرية والحت (التجوية) و عن خصائص التعرض للأضرار الجوية للاثار الصخرية في مدينة البتراء. تمثل هذه المعلومات أساسًا للخطوات المتعددة اللازمة للتقييم والتي تتناول سلوك التجوية على أنواع الحجر، ومدى الضرر ، وتسلسل عوامل التجوية (التعرية والحت) بما في ذلك التكهن بأحوال الطقس ، وقابلية أنواع الحجر للتعرية والحت

تهدف الورقة العلمية هذه إلى شرح طرق تشخيص الضرر وتلخيص الكم الهائل من البيانات التفصيلية التي تم جمعها من الدراسات الميدانية والعمل التجريبي. ويركز البحث على تقديم وشرح التطورات التي تم تحقيقها في فهم الأضرار الناجمة عن العوامل الجوية على الآثار الصخرية في البتراء

الإستنتاجات

تُظهر الآثار الصخرية المشهورة في مدينة البتراء الأردنية ، تنوعًا كبيرًا في كل من النماذج الحجرية والأضرار الناجمة عن عوامل الطقس. إن التعبير التاريخي والفني للعديد من الآثار معرضة للخطر ، إن لم يكن قد انخفض بالفعل بشكل ملحوظ. تم في هذه الدراسة تطبيق مفهوم تشخيص علمي – يجمع بين الدراسات الميدانية والإختبارات المعملية – على المواد الصخرية المشكلة للأثار و على تشخيص الأضرار الناتجة عن العوامل الجوية. يمكن أيضًا التوصية بإعتماد هذا المفهوم التشخيصي  الخاص بالبحث وممارسة الحفاظ على الآثار من أجل مراقبة الآثار الصخرية على المدى الطويل ويمكن له أن يكون أساسا لمراقبة جودة تدابير الحفظ المتبعة من قبل الهيئات المحلية

لقد وفرت نتائج الدراسات التشخيصية من هذا البحث معلومات كمية موثوقة إحصائياً عن خصائص التجوية الحجرية والضرر الذي يتسبب فيه الطقس الحالي على آثار البتراء الصخرية. إستنادًا إلى النتائج التشخيصية المجمعة، يمكن تمييز وتفسير وتقييم الضرر الناتج عن العوامل الجوية في البتراء وتفسيرها وتقييمها بشكل موثوق لأول مرة ، مع مراعاة العلاقات المتبادلة المعقدة بين الأنماط الحجرية والخصائص الحجرية وخصائص التعرض وسلوك للأنماط الحجرية عند التعرض لعوامل الطقس ونوع و شدة الظواهر الجوية ومدى الضرر الناتج عن العوامل الجوية والعوامل الجوية وعمليات الحت والتعرية.

قدم لنا رسم الخرائط الأثرية – رسم الخرائط الحجرية ، ورسم أشكال التعرية والحت – أساسا لنهج جديد لتوصيف وتحديد وتوقع تقدم الضرر الناتج عن العوامل الجوية. لأول مرة ، تم في هذا البحث إجراء تشخيص كمي للعوامل الجوية لنصب و أثار البتراء الصخرية. تأثر العديد من المعالم الأثرية الصخرية بالفعل بالضرر الكبير الناتج عن عوامل الطقس والتنبؤ بالتأثيرات المستقبلية مقلق.

تعزز نتائج هذا البحث قدرات تخطيط وتنفيذ تدابير الحفاظ على النصب التذكاري المناسبة. وهذا يتعلق بتدابير الحماية الفورية، وتدابير الحد من أسباب الضرر ، وتدابير علاج الضرر ، والتدابير الوقائية على حد سواء. توفر نتائج البحث معلومات عن الحاجة و ضرورة ونوع تدابير الحفظ اللازمة وكذلك مناطق الآثار التي يجب تطبيق هذه التدابير بها حالا

 

يجب الأخذ بالأشكال التالية من تدابير الحفظ

منع الكتل الحجرية من الكسر، تثبيت المواد الحجرية السائبة ،التثبيت والتعزيز الهيكلي، إصلاح الأحجار واستبدال الأجزاء الناقصة،  ملء أو ختم الشقوق والمفاصل ، إصلاح أو إعادة تفعيل أو بناء أنظمة السيطرة على جريان المياه ، التحكم في ارتفاع مستويات الرطوبة ، تحلية المياه، التنظيف ، وحماية اسطح الأثار الحجرية. نوصى بتطبيقات إختبارات دقيقة من أجل التحقق من قابلية تطبيق ونجاح تدابير الحفظ المذكورة أعلاه. من المقرر أن تستمر الدراسات في البتراء مع التركيز على أضرار الحت والتعرية الناتجة من المواد الملحية (الأملاح) التي تم تحديدها على أنها عملية التجوية الرئيسية التي تضر بالآثار الصخرية في مدينة البتراء

المراجع